منوعات

عبدالله برعي… رائد من الريف باع الأفكار قبل المنتجات

عبدالله برعي… رائد من الريف باع الأفكار قبل المنتجات


في زمن يتسابق فيه الكثيرون على الوظائف التقليدية، ويقف آخرون عاجزين أمام صعوبة الظروف، خرج من قلب الريف المصري شابٌ اختار أن يكون مختلفًا. هاني محمود محمود خليل، أو كما يُعرف بين المقربين منه باسم عبدالله برعي، لم يكن مجرد شاب عادي من قرية “أبو صير”، بل كان يحمل في داخله حلمًا يتجاوز حدود المكان والزمان.

ولد عبد الله ونشأ في بيئة ريفية هادئة، حيث لا تُزرع الأحلام الكبيرة إلا قليلًا، وإن زُرعت، فغالبًا ما تُغتال تحت ضغوط الحياة اليومية. لكنه قرر أن يُكمل الزرع والسقي… ويجني الحصاد بطريقته الخاصة.


البداية من الأزهر… والهوى رقمي

التحق عبدالله بكلية الدراسات الإسلامية والعربية في جامعة الأزهر، حيث كانت العلوم الشرعية واللغة العربية هي المحتوى الرسمي لدراسته. لكن في خلفية يومه، كانت هناك شاشة تضيء في الليل، ودروس أون لاين تعلمه تصميم المواقع، وفيديوهات تشرح التسويق الرقمي، ومقالات تتحدث عن التجارة الإلكترونية.

لم تكن لديه مصادر تمويل، ولا مرشدون، ولا حتى بيئة مشجعة، لكنه كان يملك ما هو أهم: إرادة قوية وعقل لا يتوقف عن التعلم.


من التعليم الذاتي إلى عالم الأعمال

لم ينتظر عبدالله أن يتخرج ليبدأ مشواره، بل بدأ بناء نفسه خطوة بخطوة.
تعلم كيف يُصمم موقعًا إلكترونيًا، كيف يُطلق حملة إعلانية ناجحة، وكيف يفهم سلوك المستهلك. ثم قرر أن يختبر نفسه في الميدان، فأسس شركته الخاصة في مجال البيع الأون لاين والتسويق عبر السوشيال ميديا.

ولم يكن تقليديًا حتى في المنتجات التي اختارها، بل قرر أن يخترع، أن يُضيف ذوقه وفكرته، وأن يُقدّم للسوق شيئًا لم يعتد عليه. فبدأ بتطوير منتجات في مجال المفروشات، اتسمت بالعصرية والجودة، ووجدت صدى واسعًا لدى العملاء داخل وخارج مصر.


“سوقلي منك للناس”… الفكرة التي سبقت الزمن

النجاح الأولي لم يكن كافيًا لطموح عبدالله، فهو لم يُرد أن يكون مجرد تاجر أو صانع محتوى إعلاني، بل أراد أن يصنع كيانًا اجتماعيًا اقتصاديًا يخدم أكبر عدد ممكن من الشباب المنتجين.

فأسس منصة إلكترونية باسم “سوقلي منك للناس”، وهي ليست مجرد موقع بيع وشراء، بل هي فكرة تقوم على دعم المنتجات اليدوية والمصنوعة محليًا، وتوصيلها مباشرة للمستهلك، دون وسطاء يبتلعون الربح أو يفسدون الجودة.

وتوازى ذلك مع صفحة “آرت هوم إيچبت” التي عمل من خلالها على تطوير الذوق البصري للمنتجات المنزلية، والترويج لها بطرق إبداعية على منصات التواصل.


من الريف إلى الخليج

ونجح المشروع، وبدأت أصداؤه تتوسع.
فما لبث أن أصبح عبدالله يتلقى عروض تعاون من شركات سعودية وخليجية، تستفيد من خبرته في التسويق الرقمي، ومن جودة المنتجات المصرية التي ساهم في تطويرها.
ليبدأ رحلة تصدير لا للبضائع فقط، بل للفكر والرؤية والقدرة على التغيير.


عبدالله برعي… فكرة تمشي على الأرض

اليوم، لم يعد عبدالله مجرد اسم بين آلاف الصفحات التجارية، بل أصبح رائد أعمال حقيقي، يمثل قصة نجاح ملهمة لكل شاب يعيش في قرية أو مدينة صغيرة، ولكل من ظن أن التفوق حكر على أبناء المدن الكبرى أو أصحاب رؤوس الأموال.

لقد أثبت أن النجاح لا يحتاج إلا إلى ثلاثة أشياء:
رؤية، إرادة، وإيمان بالذات.

باع عبدالله برعي أفكارًا قبل أن يبيع المنتجات، وصنع طريقه بيديه، ورسم مستقبله من ريف بسيط إلى آفاق عربية واسعة.


الخلاصة:

قصة عبدالله برعي ليست مجرد سرد لرحلة نجاح، بل هي دعوة مفتوحة لكل شاب أن يبدأ الآن، من حيث هو، بما يملك، دون انتظار المثالي.
ففي زمن الرقمنة والفرص المفتوحة، من لا يصنع لنفسه بابًا… سيظل واقفًا أمام الأبواب المغلقة.

عبدالله برعي… الشاب الريفي الذي صنع من شاشته مصنعًا، ومن حلمه منصة، ومن قريته بوابة إلى العالم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى