“من حلم إلى واقع.. قسم اللغة الألمانية يرى النور في أبو كبير لأول مرة في تاريخها”

"من حلم إلى واقع.. قسم اللغة الألمانية يرى النور في أبو كبير لأول مرة في تاريخها"

“من حلم إلى واقع.. قسم اللغة الألمانية يرى النور في أبو كبير لأول مرة في تاريخها”

في زمن تتسارع فيه متطلبات التعليم وتتزايد فيه الحاجة إلى لغات العالم الحية، استطاع مركز أبو كبير بمحافظة الشرقية أن يُسجل اسمه بحروف من نور في سجل الريادة التعليمية، من خلال تأسيس قسم اللغة الألمانية داخل مدارسه الثانوية، ولأول مرة في تاريخه. إنجاز لم يأتِ من فراغ، بل كان ثمرة إصرار، وجهد، ورؤية تعليمية بعيدة المدى، بدأها رجل آمن بأن لغات المستقبل هي بوابة عبور أبنائنا إلى العالم.

اللبنة الأولى: بداية الحلم على يد الهير محمد حامد

يرتبط هذا المشروع الطموح باسم الأستاذ محمد حامد، الذي يُعرف بين طلابه وزملائه بـ”الهير محمد”، وهو المؤسس الحقيقي لقسم اللغة الألمانية بإدارة أبو كبير التعليمية. حين بدأ “الهير محمد” مشواره قبل نحو خمس سنوات، لم يكن الطريق مفروشًا بالورود. فقد واجه تحديات حقيقية، كان أولها غياب الوعي المجتمعي بأهمية دراسة اللغة الألمانية، إضافة إلى نقص الكوادر والدعم، وضعف الإمكانات المتاحة.

ورغم ذلك، لم يتردد في خوض التجربة. بدأ المشروع في إحدى المدارس بعدد لا يتجاوز ثمانية طلاب فقط، في وقت كانت فيه مدارس أخرى تكتفي بالإنجليزية أو الفرنسية كلغات أجنبية. لكن إيمان “الهر” بفكرته، وثقته في طلابه، وحماسه لنقل ثقافة جديدة، كانت مفاتيح النجاح الأولى في هذه الرحلة.

خمس سنوات من التحدي والنمو

خلال خمس سنوات فقط، تحوّلت التجربة من مجرد مبادرة فردية إلى قسم لغوي معترف به ومطلوب من الطلاب والأهالي على حد سواء. وسرعان ما بدأت مدارس المركز تشهد إقبالًا متزايدًا على اللغة الألمانية، لما تحمله من فرص حقيقية في التعليم الجامعي والتوظيف والعلاقات الدولية.

اليوم، لم تعد مدارس أبو كبير تحتوي على قسم واحد للغة الألمانية، بل أصبحت تضم أكبر عدد من طلاب اللغة الألمانية على مستوى محافظة الشرقية، بل ومن بين الأكبر في مصر كلها، وهو أمر كان يُعد مستحيلًا قبل سنوات قليلة.

لماذا الألمانية؟ ولماذا الآن؟

اللغة الألمانية لم تعد لغة نخبوية أو مقتصرة على الجامعات، بل أصبحت مفتاحًا لفرص التعليم في أوروبا، خاصة ألمانيا والنمسا وسويسرا، حيث تُمنح منح دراسية سخية، ويُتاح للطلاب المصريين استكمال دراستهم في مجالات مثل الطب والهندسة والاقتصاد والإعلام.

كما أن سوق العمل يشهد ارتفاعًا كبيرًا في الطلب على متحدثي الألمانية، سواء في الشركات متعددة الجنسيات أو في قطاعات السياحة، والطيران، والتعليم، والترجمة. وقد أدرك “الهير محمد” هذه الحقائق مبكرًا، وسعى بكل جهده لإيصالها إلى المجتمع المحلي، حتى أصبحت اللغة الألمانية خيارًا إستراتيجيًا للطلاب، لا مجرد مادة دراسية إضافية.

التغيير المجتمعي: من الرفض إلى التقدير

في بدايات المشروع، لم يكن من السهل إقناع أولياء الأمور بأهمية تدريس لغة “غير مألوفة”. كانت التساؤلات كثيرة، والقلق مشروع. لكن مع الوقت، وبدعم من الإدارة التعليمية والنجاحات المتتالية للدفعات الأولى، بدأت نظرة المجتمع تتغير. أصبح طلاب الألمانية يتمتعون بمكانة خاصة، وتحول خريجو القسم إلى نماذج مشرّفة في الجامعات والمعاهد.

كما أسهمت الأنشطة الثقافية، مثل أيام اللغة الألمانية، والمسابقات اللغوية، والرحلات التعليمية، والعروض المسرحية باللغة الألمانية، في جعل اللغة جزءًا من البيئة التعليمية الحية، وليست مجرد مفردات جامدة في الكتب.

شهادات حية: ما يقوله الطلاب والمعلمون

يقول أحد الطلاب:

“ما كنتش أتخيل إن اللغة الألمانية هتغير مستقبلي بالشكل ده. دلوقتي بفكر أكمل دراستي في ألمانيا، وبقيت عندي فرص ماكنتش ممكنة قبل كده”.

ويقول أحد المعلمين المشاركين في التجربة:

“اللي عمله الأستاذ محمد حامد شيء غير عادي. مش بس أسس قسم، ده أسس ثقافة، وقدر يفتح للطلبة أبواب ماكانتش موجودة”.

التطلع للمستقبل: من أبو كبير إلى العالم

نجاح قسم اللغة الألمانية في أبو كبير هو دليل واضح على أن الإرادة الفردية، حين تتلاقى مع دعم مؤسسي وتخطيط ذكي، يمكنها أن تغير الخريطة التعليمية بالكامل. واليوم، لم تعد الفكرة تقتصر على قسم داخل مدرسة، بل تحوّلت إلى نموذج يُحتذى به في باقي الإدارات التعليمية داخل الشرقية وخارجها.

تطمح إدارة القسم، بقيادة الهير محمد حامد، إلى توسيع التجربة وتطوير المناهج وتوفير بعثات تدريبية للطلاب والمعلمين على حد سواء، كما يجري العمل على فتح قنوات تعاون مع معاهد وجامعات ألمانية لدعم الطلاب المتفوقين.


خاتمة: تعليم يحاكي المستقبل

من بين جدران مدارس ريفية، وُلد حلم كبير. ومن بين ثمانية طلاب فقط، بدأت قصة نجاح أصبحت اليوم مصدر فخر لأبو كبير بأكملها. إن تأسيس قسم اللغة الألمانية لم يكن مجرد قرار إداري، بل تحوّل ثقافي وتعليمي حقيقي، يقوده مربٍ شغوف، وطلاب طموحون، ومجتمع بدأ يؤمن أن المستقبل يُصنع بالكلمة، والحرف، واللغة.

أبو كبير اليوم ليست فقط جزءًا من خريطة التعليم المصرية، بل باتت أيضًا بوابة صغيرة مفتوحة على آفاق كبرى في أوروبا والعالم.

Exit mobile version